المشاركات

عرض المشاركات من 2023

سلمى تكتب- اليوم الخامس والسبعون

هنا تنتهي الرحلة. بدأت تحدي الكتابة هذا بعد حضور محاضرات للالتزام الذاتي وتحليل أسباب نجاحه ومعوقاته، كانت محاولة لالتقاط أي معلومة تنير بصيصًا في ظلمة فوضاي. نادرًا ما أنهي ما بدأت، وما أنهيه يكون في آخر لحظة مهما خططت، لكن التحدي هذه المرة مختلف، نص يوميًا لا فرصة لمراكمة النصوص، لا جدوى من ذلك لأن الهدف هو إلزام نفسي على المداومة. توقعت فشل التجربة خلال رمضان، فحسابي على فيسبوك معطل وتوقفت عن مشاركة الكتابة على باقي المنصات، والتدوين على مدونتي الشخصية التي لا يزورها أحد. ساعدني الالتزام بصناعة محتوى مرئي لمشروعي الخاص عبر انستجرام، مما أهلني لكسب فرصة تدريب مع اختصاصية تسويق عبر الإنترنت، سيبدأ التدريب اليوم كخطوة جديدة في تحقيق الالتزام كذلك. ومع كل العثرات والأيام السيئة والإجهاد نجحت في إكمال المسير، أشعر بفخر كطفل رسمت على كراسه نجمة بالحبر الأحمر، يركض ليري أمه جائزته المعنوية بفرح عامر. لم تكن كل النصوص جيدة، ويوجد يوم يتألف نصه من سطرين، والبعض جيد جدًا وذو مسحة أدبية مميزة، المهم أني وصلت. وما كنا لنهتدي لهذا لولا أن هدانا الله. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الرابع والسبعون

تحدق بي الشاشة تنتظر مني نص اليوم، لا أجد ما يستحق الكتابة. في معرض حديثنا بالأمس تساءلت صديقتنا عن جدوى العمل، ومدى صدق نوايانا تجاهه، ومن يضمن لنا صحة الخيار. يرن صوت ماجدة الرومي ببعض التعديل في خلفية المشهد: "ايه العمل في الوقت ده يا صديق غير إننا رغم انعدام الطريق نبص قدامنا" لا شيء أكيد في العالم، نسير في طريق ما ونحاول الوصول لوجهة نظنها الأفضل، نسير دون دليل أحيانًا ونغير الطريق أحيانًا، ونظل في موقعنا ذاته لبعض الوقت لا ندري أين نولي وجوهنا. ليس لدي شيء ثابت في حياتي سوى إكمال السير، لم أختر طريقًا، وأتيه لسنوات في متاهات الحياة دون دليل ولا ناصح، أظن لوهلة بإني وجدت ضالتي وعلمت وجهتي ، ثم يتبدد كل هذا فجأة. اليوم أرسلت لي رابطًا لفتاة تحكي عن انعدام رؤيتها للطريق أو الغاية، ثم شعورها بالوصول بعد تسع سنوات، أتساءل: وطريقي هل سيظهر؟ وإلى متى يسير المرء قبل أن تبتلعه رمال الحيرة المتحركة؟ #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثالث والسبعون

يأسرني الإنسان في تكشّفه، يتحول من غريب يتقاطع مع أوسع دائرة لحياتك، من كومبارس في خلفية قصتك لا يؤثر وجوده في المجاميع، إلى كيان حي حقيقي يمتلىء بالمشاعر وله دوافعه الخفية وصراعه الخاص، صراع لا يقل أهمية عن صراع بطل القصة، عنك. كلما تعمقت في علوم النفس البشرية وفهمها وتحليلها، كلما خجلت من أحكامي المطلقة وثقتي في خير أحدهم أو شره، أتعلم كيف يعيش المرء بصالحه وطالحه، كيف يختلط الثوب الأبيض مع الدنس، وهو يرجو أن يغسله الخالق من أدرانه. الأم القاسية لابد أنها عانت في طفولتها من سوء المعاملة فكبرت وهي تظن خيرًا في ما تفعل، المدير المتسلط ربما يعاني من قلة التقدير من زوجه ولا يجد بدًا من رفع الصوت وتخويف الجميع كي لا يكون جبانًا خاضعًا. وعلى النقيض فلاعب الملاكمة ذاك يعطف على الحيوانات المشردة رغم قوته نتاج تربيته أن ظلم الضعيف لا يحمل مروءة، وعالم الدين ذو الهيبة والوقار يخلع عباءة الوقار ويلبس دور الأب الذي يلاعب طفلته ويختار معها تسريحة شعرها. الإنسان كنصفي ين- يانج، نصف أبيض وآخر أسود وفي قلب كل منها بقعة بلون مغاير، صفات وعادات ومشاعر في حالة اختلاط لا فكاك منه، وأي محاولة لجعله بلون ...

سلمى تكتب- اليوم الثاني والسبعون

يدندن.. فتهدأ الأعاصير في رأسي، ويسكن عصفور الطمأنينة قلبي، يدندن.. فتتكسر أمواج قلقي على شرفة صوته وتخفت ضوضاء العالم لثوان تشبه الدهر. لطالما أسرتني الأصوات، نبرة الحديث ومخارج الحروف السليمة وطبقة الغناء، ورسم ثغرك مع كل هذا جعلني أسيرة بلا مقاومة. هل يمكنني تعبئة أصوات المحبين؟ يشغلني هذا السؤال دومًا، والآن يزيدني حديثك شغلًا به. تخيل إن ملأت زجاجات العطور الفارغة بصوتك، هذه عبوة عطر الفانيليا أصب بها "صباح الخير يا حلوتي، طالعة حلوة اليوم، يومك حلو زيك" كلمات ناعمة ولطيفة ولا يمل من استعمالها يوميًا. هذه قارورة فخمة كانت لدهن العود، سأملؤها بـ أول مرة حكتلي بحبك، سأحاول كذلك حفظ دفء صوتك ونظرة عينيك وغرقي فيهما، أخبئها بعيدًا عن الأعين، وأعود لها حين يأخذني الحنين، أتطيب بها فيدوم عبقها لأيام. هذه لحديثك بفرح بعد كل إنجاز، وهذه لكلماتك الحانية كلما زارتني الكآبة، وتلك لأوقات الشجار للذكرى فقط لن استعملها أبدًا. أستيقظ مستوحشة، وأتجه نحو زجاجاتي الأثيرة، أرش منها في جو الغرفة، فيغلف حضورك الهواء يحملني ويزرعني في غيمة من الأمل في لقاء قريب. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الحادي والسبعون

"يخربيت اللي يزعلك" بدأت صديقتنا العزيزة حديثها في لقائنا بهذه الجملة، تعجبت من الجملة لتشرح بأنها تستشعر من كتابتي وحديثي مؤخرًا أني لست بخير، لا جديد تحت الشمس ليتغير حالي بالحسن أو السيء ولا أعرف لماذا يصلها هذا الشعور. يمر مصادفة صديقنا كبير المقام والسن بجوارنا، يسلم علينا ويجلس لبضع دقائق، ينظر لي ويعاتبني بأني نكثت الوعد، وعد المحاولة لأكون بخير وأهتم بنفسي أكثر، ويبدي قلقه لحالي، حسنًا يبدو أنني لست في حال جيدة، وهذا يصل لكل من حولي. طمأنتهم عن حالي، صحيح أني متعبة ومجهدة لكن ظننتني أسيطر على الأمور، وأن نفسيتي مستقرة في مكان جيد.  لا أعرف.. ربما أحتاج لفرح كبير يفيض على قفر أيامي لأزهر وأصير حيوية ونضرة، "غدًا تأتي الغيمة وتبلل القلب المعطوب".

سلمى تكتب- اليوم السبعون

أخبرته أن شعوره مفهوم تمامًا، ولكن الأشخاص السيئون بحق لا يتساءلون عن جودة تصرفاتهم ولا يتشككون في أخلاقهم الحسنة وإخلاص نواياهم، لا يأكلهم القلق حين يخطئون في حق الآخرين، لا بوصلة أخلاقية ولا مرجعية دينية تقض مضاجعهم. الطيبون الأخلاقيون يخطئون بالتأكيد -نادرًا- ولكنهم يراجعون أنفسهم، يقفون للـ هو فيهم بالمرصاد، وتمنعهم أناهم من مسامحة أنفسهم على قصورها بسهولة. الآباء المسيئون يحطمون أرواح أبنائهم بلا رحمة، دون ندم على ما زرعوا فيهم من خوف وقلق ومثالية يتملقون بها أهليهم علهم ينجون من الهلاك، وحدهم الآباء الجيدون من يحاولون قدر استطاعتهم زرع كل جميل في قلوب أبنائهم، يحبونهم أكثر مما يقومون أخطاءهم ويتحملون في سبيل سوائهم النفسي كل صعب، ومع هذا تتلقفهم الأسئلة من كل صوب. هل أعطي طفلي حبًا كافيًا؟ هل قصرت لأني لم أطهُ طعامًا طازجًا اليوم؟ هل اعتذر لطفلي عن نوبة غضبي؟ هل سيحكي عني بسعادة بعد عشرين عامًا أم سيشكوني لطبيبه النفسي؟ يحضرني قول برتراند راسل -ببعض التصرف-: "مشكلة العالم أن الأغبياء والظالمون واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائماً، أما الحكماء والطيبون فتملؤهم الشكوك”   #سلمى_تكتب...

سلمى تكتب- اليوم التاسع والستون

في الطريق بكيتني من فرط الألم، لم أستطع منع دموعي من الانهمار بعد يوم متعب وألم لا ينتهي، لحظة ضعت فيها بين هواني في عيني ووجعي غير المحتمل ووحشتي في كليهما. باءت كل محاولات السيطرة على الدمع بالفشل، قرر جسدي أن يبكي كل ما يثقله كأنما اكتشف أسفاره ومتاعه فجأة، مما جعله يرزخ تحت ضغط الأحمال، صخرة نبتت من كتف سيزيف من عدم لتشقيه، شقاء فوق شقاء ووهنًا على وهن. وددت لو ينتهي العالم في التو، كيف تجرؤ الحياة على استكمال دورانها وأنا في حالي هذه؟! كيف لا تنهد الجبال وتجف الأنهار لدمعي؟  أحاول تهدئة نفسي: هذا ديدن الحياة، تسير وتدور ولا تلتفت لأحد، كل هذا الزخم سيخبت والدمع سيجف وسنكون بخير. أكمل الطريق بعد سيطرتي على فوران المشاعر المتأججة، بكتف مرفوع ومشية واثقة كأن شيئًا لم يكن، أدير المفتاح في بوابة البيت وأغلقه خلفي، ثم أنسكب. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثامن والستون

يقف في المنتصف بين التيه والوجهة تمر به قوافل وبلاد وفصول متعاقبة يتحرك قليلًا فيميل العالم من حوله يتراجع قدمين نحو الماضي فيضطرب فؤاده يقف.. ينتظر.. يأمل في ماذا؟ لا يعرف صدقًا أين السيارة؟  لا أحد يعبر فيافي وحدته يكتب اسمه على الرمال جواره  خشية نسيانه من طول الوقوف صامتًا مستوحشًا يحاول الجلوس فتتهشم الأرض من ثقل أفكاره يحدق في الأفق..  سراب لامع لمستقبل يجد فيه راحة وسلامًا لكنه يتبدد مع غروب الشمس وتستحيل دنياه بقعة حبر سوداء  على قماش الزمن  #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم السابع والستون

الريح شديدة والجو معبأ بالغبار، اختاروا شاطئ البحر لنلتقي وكان قرارًا سيئًا. حاولت مغالبة الجو والاقتراب من الماء ربما يصبح الأمر أفضل دون جدوى، الهواء شديد والتراب يصفع وجهي، لحظات لا يهم فيها حبك للبحر ونسمة الهواء لتتحمل تقلباته. بعد تعقل قررنا ترك البحر وراءنا والتحرك لمكان أفضل وأهدأ، أدركت أن الحب وحده لا يكفي، لا يكفي لتحتمل ما لا تطيق من تقلبات وعثرات في الحياة. يتشبث عصفور بعشق سمكة، يصارع الماء والقروش والحيتان، يقاوم كل موج غادر وكل غرق وشيك ليبقى في جوار محبوبته، لكنها علاقة لا تحمل خيرًا ولن تفضي إلى مستقبل مشترك. تبدو قصتهما حالمة ممتعة لمراهق في فورة اشتباكه مع الحياة، في ذهن فتاة طيبة استمعت لحكايات الأميرات اللاتي ينقذهن الأمير ليقعوا في الحب ويعيشوا في تبات ونبات ويخلفوا صبيان وبنات، أما نحن المتجاوزون للأحلام فنراها حماقة ستودي بحياتهما معًا إن أصرا على التشبث بجوار الفناء. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الخامس والستون

لم أنم جيدًا. يكفي هذا لقلب يومي وتعكير مزاجي وجعلي متعبة متوجعة لا مرهقة فحسب، كان نوًا متقطعًا مزعجًا، وأيقظتني أمي لأمر طارىء ولم تغلق الباب جيدًا مما زاد طين الليلة المؤرقة بلة. تذكرت رباب الطالبة بالسنة الجامعية الأخيرة التي قادها حظها العاثر للغرفة المجاورة لنا في عامنا الأول من السكن الجامعي، كنا صاخبين أغلب الوقت ولا تخلو غرفتنا من الزوار مما حرمها قيلولتها وكان سبب المشاكسات بيننا، صحيح أنها تعودت على طباعنا وأصبحت تشاركنا الحديث والتجمعات، لكني أشفق عليها مما خبرته من طيشنا.  وعلى النقيض كانت آية توقظنا عند الفجر بالطرق على الأبواب في توغل البرد القارس، تظل مستمرة في الطرق والنداء حتى نستيقظ، أقف جامدة أرتعد من فكرة الماء البارد في فجر يوم من يناير، تبتسم وتقول: عشان يبقى جهادين.. جهاد الاستيقاظ والماء البارد. أتذكر كل هذا وابتسم، وأكمل العمل بجسد جائع للنوم.

سلمى تكتب- اليوم الرابع والستون

هل تعلم عزيزي القارىء أني أحب المحاولة كفعل منفصل عن هدفه أو نتيجته؟ ربما محاولاتي بسيطة ولا أعطيها القدر الكافي من طاقتي لأسباب يطول شرحها، ومع هذا أحب المحاولات وتأسرني بشدة. من بين تلك المحاولات هي عملي في صناعة قطع جديدة لمتجري الصغير طوال ٤ أشهر دون طلب شراء واحد، بل ذهبت أبعد من ذلك ولم أعطل حسابي على انستاجرام في رمضان كما العادة، بناءً على نصيحة اختصاصية تسويق، صور.. فيديوهات.. وفوازير كلها لم تحرك ساكنًا لأي عميل. هذا الالتزام دون نتائج أكسبني فرصة لحضور تدريب تسويقي بشكل ما، لذا فالمحاولات لم تفتح باب الطلبات ولكنها فتحت بابًا لفرصة مجانية تساعدني بشكل آخر في تحسين منتجاتي. وعلى ذكر الأبواب كتبت إحدى صديقاتي اليوم عن عدد المحاولات للتقديم على وظيفة خلال عام واحد، رقم توقفت أمامه لبرهة مندهشة من محاولاتها الحثيثة وطرقها الأبواب دون إجابة، وأنا أدعو لها بالخير الكثير فالرزاق لا يعجزه شيء. حبي للمحاولات يجعل بدء علاقة معي أصعب، أحتاج جهدًا وأقدم جهدًا فليس لي حاجة بمعارف سطحية وتواصل مبتور ركيك، ولأن دائرتي المقربة تجيد المحاولات وتنجح في جعلها مثالية، يترسخ توقعي من نفسي والآخر...

سلمى تكتب- اليوم الثالث والستون

"نسيت ورقة الطلبات" قالها العم السبعيني بسعادة مفرطة حين وجدها، "هتقولي نسيت كذا هاقولها لا كله في الورقة" وضحكنا معًا. أخبرته أني أكتب الطلبات على الهاتف، الحقيقة أنا أكتب كل شيء، مصروفاتي وتفاصيل متجري اليدوي الصغير وحساباته وأفكار الكتابة كي لا تفلت، الكتابة تقيني النسيان والتيه، ترتبني لا أفكاري فحسب وتضع الأمور في نصابها الصحيح عند سكبها على الورقة أو الشاشة في حالتي. يدخل شخص آخر كبير في السن يتوكأ على عكازه، يعطيني "ورقة طلبات" ومعها ورقة بالأدوية التي يحتاج، يطلب مني قراءتها لأنه نسي نظاراته. ورق مكتوب بخط اليد، بقلم أزرق كما أعتاد موظفو الحكومة، وفي ظهر ورق التقويم كأنها تُطبع لنستعملها باتفاق ضمني لكتابة الطلبات. بالأمس صادفتني صورة لورقة مكتوبة بخط اليد لوصفة، ومعها تعجب من صاحب الصورة كيف تملك كل الأمهات الخط ذاته؟ الورقة تشبه خط يد أمي حقًا، قلم أزرق بالطبع، واسم من نقلت عنه الوصفة بجوار اسمها، تضيف أمي تفصيلة أخرى للوصفة بعد التجربة، تكتب تقييمًا لها بجانب الاسمين "ممتاز.. جيد.. تحتاج كذا..إلخ". يكتب المصريون كذلك في كراس آخر "...

سلمى تكتب- اليوم الثاني والستون

للعيد نسمة هواء تخصه بصرف النظر عن الطقس، هكذا هممت أكتب في بداية نص اليوم، صحيح أنه دومًا تأتي ساعة بجو جميل وجسد يقشعر في سعادة من زيارتها، ومع هذا فالحقيقة منقوصة. حمل العيد إحساسًا مخلوطًا بالخطر والخوف، يستدعي صباحه أعيادًا سابقة مليئة بالصدمات والذكريات الثقيلة، كنا تتوارى عن نظر العالم في سعادتنا كأطفال كي لا ينتزعها منا، كلعبة جاءت بعد طول انتظار ثم تهشمت تحت عجلة سيارة مسرعة، رأيناها -سعادتنا- تندهس تحت قدم العالم. لاحظت بعض الكتاب يتحدثون عن صدمات مشابهة، وذكريات أليمة أرتبطت بالأعياد ولم يستطيعوا كسر حصارها لقلوبهم حتى الخمسينات من عمرهم، نوستالجيا جمعية من الرعب والألم اشترك فيها جيلان كاملان -ربما أكثر- على الرغم من اشتياق أناملهم الغضة لغبار الفرح.

سلمى تكتب- اليوم الحادي والستون

يوم عيد عادي ونحن في نعمة، إخوتي بخير ونحن مجتمعون ولا جديد يذكر غير أننا تبادلنا العيديات والحلوى. لم أحضر صلاة العيد، شاهدت الصور عبر الانترنت وسعدت بفرح الناس بيومهم هذا في جوار أحبتهم، لكن قلبي لا يفارقه الحزن حين أرى أطفالًا جميلين في ثوب صلاة أو فستان جديد لآباء من عمري، أدعو الله لهم ولنفسي أن لا يطول حرماني ووحدتي. غدًا أعود للعمل، لن تمهلني الحياة وقتًا كي استشعر جو العيد والإجازة، سيبدأ العمل وتعود عجلة الروتين للدوار بأسرع مما أتخيل. يبقى العيد مبهجًا ودافئًا بشكل أو بآخر، تحلية واجبة بعد طول صيام.

سلمى تكتب- اليوم الستون

ليلة العيد.. لست سعيدة ولا حزينة وهذا جيد، فقط صباح العيد هو الذي يحدد مشاعري تجاه قدومه، ويستمر هذا الشعور وأثره لبقية الأيام. كان رمضان جيدًا رغم كل شي، هدوء نسبي ومحاولة للمواظبة على القيام وكبح الغيظ قدر الإمكان. بعض الأيام مرت عصيبة وبعضها مرت بلا مشكلات، أما قلبي فلزم الدعاء. الجو معتدل وصاف وغدا العيد.

سلمى تكتب- اليوم التاسع والخمسون

تخبرني صديقتي أنها لا تريد إزعاجي بما يشغل بالها بحجة ضآلته مقارنة بمشكلاتي في الأيام الأخيرة، أطمئنها بعدم حاجتها للسكوت، فالأمر ليس مبارزة في من هو الأتعس، وبرغم افتقاري لما قد يفيدها من نصح، فأنا أتفهم وأقدر وكلي آذان صاغية. لا أعرف لماذا نقرر درجة مشكلة ما نمر بها في جدول الحياة؟ وما هي الشدة المسموحة للبوح والشكوى؟ أعرف أهمية الصبر والجلد واللجوء إلى الله، ويجب على الإنسان أن لا يكون شكاءً بكاءً كما يقول طه حسين، لكن الشكوى تخفف من عجز الإنسان، وتنبه من حوله إلى غرقه لتمتد له يد العون إذا لزم، ولا تظلم عينيه كما في حال طه حسين حين قرر التجلد.

سلمى تكتب- اليوم السابع والخمسون.

قبل عيدي ميلادي بأربعين يومًا، خطر ببالي كتابة قائمة أمنيات لتحقيقها قبل مقدمه، أخذت أبحث عن أفكار لأختار منها لقائمتي، أمنية في مقابل كل عام من عمري. كتبت بضعة أفكار، استبعدت الكثير ولم أكملها. لم تحفزني القائمة على التحرك، وكانت طاقتي كبطارية معضعضة، ولا شيء ليجعل مزاجي أفضل ويدفعني لتنفيذ أي من الأفكار. منذ أيام تحققت أمنيتين في يوم واحد، صحيح أنهما حصلتا بعد عيد ميلادي، ومن تخطيط الأصدقاء.. لا يهم فقد سعدت جدًا بهذا اليوم، سعادة أصيلة لا رياء فيها، وما لبثت أن تبخرت مع طلوع شمس اليوم التالي. شعرت ببعض الذنب، لماذا لا يكفي يوم كهذا لشحن طاقتي لبضعة أيام على الأقل؟ من الواجب الامتنان والانغماس على في الشكر لأصحابي على الوقت الطيب يإطالة السكنى في هذه السعادة، ولكن قلبي معضعض.

سلمى تكتب- اليوم السادس والخمسون

"على ما تتكحل العمشا يكون السوق خرب" اتذكر قول معلمة اللغة العربية في السنة الأخيرة من المدرسة الإعدادية، كنا نتجهز للذهاب للمكتبة وطلبت مني إحضار الكراريس، فأخذت ألملم أقلامي وكتبي قبل الذهاب، لتباغتني بهذا المثل. لا تسألني لما قفز المشهد لعقلي وأنا أهم في الذهاب إلى العمل، عقلي يفعل ما يحلو له ولا يُسأل عما يفعل. لم أتذكر اسم المعلمة، لكني تذكرت ملامحها إلى حد ما، وأبرزها عين واسعة كحيلة كالمها، ربما لهذا اختارت المثل، كنت طالبة نجيبة وكان بيننا من الاحترام والمحبة ما يسمح لها بإلقاء الأمثال وتقريعي أحيانا فاتقبلها بأريحية. "لماذا تصون الذاكرة أشياء دون أشياء؟" أتساءل مع رضوى، لا يمكننا السيطرة على ذاكرتنا وتفاصيلها، نحن نملؤها ونحاول مراجعة لحظاتها الثمينة، وفي النهاية لا سلطان انا على أرشفتها لملفات الذكرى.

سلمى تكتب- اليوم الخامس والخمسون

"جاله المرض الوحش" تصف خالتنا إصابة جارها بسرطان الرئة، وكأن هناك مرض حلو، هكذا يتعامل الناس مع ما لا يريدون إدراكه، "ماسموش قمل دي حشرات راس"، "كانسر"، "اللي ما يتسماش".. غير اسمه وصفه بغير لغته ربما يتبخر. حين تحدثت عن ضيقي من تساقط شعري الجميل كأثر جانبي للأدوية التي لا مفر منها، "وأنا هاخد الدوا على طول يبقى مش هيبطل تساقط" نهرتني أمي لإن "بافول على نفسي"، فلا استعداد لديها لتفهم طبيعة ألمي وأسبابه وأدويته المزمنة.  يشبه الأمر التحدث عن محاربة فولدمورت مع مناداته فيما بيننا بـ"من لايجب ذكر اسمه"، لا يعفينا تجهيله من شعورنا بالخوف ولا هو يضعف أمام هذا التواري، بل يكبر وهو يتغذى على رائحة الرعب ويتعاظم.

سلمى تكتب- اليوم الرابع والخمسون

اكتشفت عبارة لابن عربي تقول: "ما ليلة القدر إلا ذاتُ رائيها" تتوافق مع منظوري الخاص عن ليلة القدر، كل منا يستشعرها في يوم فريد به دون سواه، هذا ما أومن به. ومع فضل هذه الليلة وتكهنات الصائمين وتوقعاتهم لحلولها، فهي لما تزل محجوبة عن علمنا، نجتهد للفوز فيها طوال العشر. "اللي بيحب بيستنى حبيبه كل يوم" لا أعرف أين سمعت العبارة في معرض الحديث عن فضل الليلة، فالطريق إلى الله لا ينقطع وهو موجود في كل حين، كل ما عليك هو أن تخطو، لا يهم متى ولا كيف المهم هو الطريق. تظل فكرة خصوصية استشعار ليلة القدر تداعب خيالي كلما زارتني سكينة وكُتب لي التوفيق في الطاعة في ليلة، رغم انعدام التشارك في شعوري مع أحد غيري، أتيتك يا رب ووفقت لطاعتك وهذا الجهد وعليك التكلان.

سلمى تكتب- اليوم الثالث والخمسون

ركبت الخيل للمرة الأولى اليوم، بل وكانت مفاجأة اجتهدت أختي في تحضيرها مع صديقاتي الأثيرات، خيل ومائدة عربية شهية على الإفطار في خيمة بجوار الإسطبل، وجو دافىء في الطبيعة بين أحبتي. أخذت أحمد الله طوال اليوم على نعمائه، أسجد فأحمده وأشكره، أدعو بعدها فأحمده وأشكره، وتصغر في عيني كل نقائص الدنيا أمام كرمه بحبهم لي واجتهادهم لإسعاد قلبي. كنت سعيدة من قلبي بعد طول حزن وتعب، وبين محاولة استيعاب عقلي لكل هذا الجهد لترتيب اليوم من أجلي، ومحاولة وجهي تحمل ضحكتي التي تشد عضلات ولا ترخي، أفلت قلقي وكدري وانغمست في هذا الحب الوافر. نشرت صورة لليوم وذيلتها بعبارة الأبنودي: "أنا ربنا جابني الدنيا من غير ورث واداني منابي فيكم" وأنا أصدقها من قرار قلبي. فلك الحمد يا خالق الحب والونس.

سلمى تكتب- اليوم الثاني والخمسون

يصيبني خدر خفيف في الساعات الأخيرة من الصيام، يكون جسدي هادئًا وفي حالة صفاء وحلم لا تشبهها أي حال أخرى، أتكلم بصوت خفيض ولا يغضبني ما يبدر من الناس من إزعاج وتسبح نفس في فضاء غير هذا الحيز الضيق من الدنيا. أقول: ربما لهذا يصوم العباد في جبال التبت، ويخشوشن المتصوفة في المأكل والمشرب، فالأمر أشبه بتطهر من الملذات المذهبات لصفاء العقل، وولوج صرح من السكينة المتفردة. لطالما أحببت الصوم، ولزمن طويل قبل الكثير من العثرات الصحية كان عبادتي الأقرب لروحي، ففيه من التحليق نحو فضاء من الحلم والسلام ما ليس في سواه من عبادة.

سلمى تكتب- اليوم الحادي والخمسون

سأسميه "آلام عظيمة" على غرار "آمال عظيمة" لتشارلز ديكنز، هكذا أجبت على سؤال تخيلي طرحته على نفسي، كان السؤال عن عنوان يصلح لسيرتي الذاتية. فكرت كثيرًا في عنوان لكتب سأنجزها ذات يوم، وجدت عناوين مختلفة وفكرت فيها بجدية، رغم أني مع الوقت لا أجد في نفسي توقًا لنشر كتابتي في روايات وكتب، ولأني أثرثر على الورق وعلى شاشة هاتفي وفي أوقات انطلاق لساني بحرية، فلا عجب من تفكيري في إجابة لهذا السؤال. حياتي التي ما زالت شابة بمقاييس الأعمار في العالم الآن هي سلسلة من الألم يسلم بعضه بعضًا، فترات نقاهة وتحسن وازدهار بعد طول أفول، ثم يعود الألم ليهجم علي ويحطم دفاعاتي ويقض مضجعي. يصعب علي تذكر أوقات الراحة والفرح دون تذكر الألم الذي صاحبها أو سبقها، لا يمكنني الإمساك بتلابيب الفرح منزوعًا من الأسى، وأحيانًا يصبح تخيل الأحداث السعيدة تدريبًا عقليًا صعبًا. يحكي عبد الوهاب مطاوع في أحد كتبه التي جمعت مقالاته، عن شخصية تدعى جبر، يزور جبر بلادًا أجنبية ويلاحظ شواهد القبور تحمل عمرًا لا يتناسب مع سنين الميلاد والوفاة المحفورة عليها، يخبره الدليل السياحي بأن العمر يقاس بالأوقات الجيدة ا...

سلمى تكتب- اليوم الخمسون

أخرجت صدقة صغيرة لامرأة في حاجة، لديها مرض مزمن يشبه مرضي، شعرت بأنه زكاة عن صحتي التي تحسنت ما بين الأمس واليوم، بعد ألم مفاجىء شديد قطع فترة استقرار المرض. حين وقفت لصلاة القيام قرأت الآية: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم" وباختلاف تفسير الآية والصدقة المقصودة فيها، إلا أني استشعرت مال الصدقة تزكية وتطيراً لبدني من المرض، وشكرًا لله على تغيير الحال لأحسنه، شكر لا يضاهي نعمة الصحة. يمس قلبي معنى كهذا أكثر مما تمسه الخطب والمواعظ والتفاسير، محاولة فهم المعنى والمقصد خلف الأمور، عدم تضييق النظر ومحاولة فهم العالم من خلال الدين بشكل أوضح. ومهما ضاقت الدنيا وكرهت نفسي وحظي منها، يبقى في قلبي شيء من النور يضيء ليله الأكحل، يذكرني بالخير في نفسي ولو طال الحيد عن الطريق فهذا الواقر فيه سيرشحه لا محالة.

سلمى تكتب- اليوم الثامن والأربعون

اليوم هو عيد ميلادي الأول بعد الثلاثين، رقم يصبح واقعًا وشاهدًا على انسكاب أيام عمري بلا عودة، بالكثير من الألم والقليل من الرضا وبقية إيمان متجذر. بدأ اليوم بانخراط هستيري في البكاء، يعلو ويتعاظم مع كل محاولة لتهدئتي، نوم مرهق بكوابيس عادت لتأخذ مكانها في حياتي بعد طول انقطاع، ثم آلام فظيعة أيقظتني من نومي، لتستمر لساعات قبل استشارة الطبيب. لا أهتم بفكرة عيد الميلاد، ومع التقدم في العمر دون إنجاز يذكر يصبح تجاهلها أفضل، حسنًا بس ليه ألم فظيع بس يكون يوم عادي؟ الحياة بخيلة معي، أدرب نفسي على الرضا والامتنان لبعض طيبها، ولا تنفك تقذفني بلا مقدمات في حلقة جديدة من الحظ العاثر والمصاعب، لا أملك أمامها سوى الانحناء. كان يوم عصيبًا، أقول هذا كثيرًا مؤخرًا، حسنًا إنها الحقيقة. كسرت الثلاثين وحدي، وهذا كافٍ ليفاقم وجعي بدرجة عصية على التحمل. وأنا مازلت آملة في أن الأخرة خير من الأولى.

سلمى تكتب- اليوم السابع والأربعون

قلبي يتضرع إلى الله بدعائين أساسيين منذ بداية رمضان، أقول لنفسي: دعونا بأحدهما سابقًا كثيرًا ولم يستجب، فلم ندع؟ ربما حكمة الخالق في المنع، وعلينا الرضا بما قسم، لأرد على نفسي: وربما حكمته أن نلهج بالدعاء ونتقرب به، ويكون الرضا والصبر مع الدعاء لا اليأس. أدعو، أحيانًا بطريقة آلية وأحيانًا أخر بيقين ودمعي يسيل على ثوب صلاتي، كأن أبواب السماء ستفتح لي وحدي، ويغمرني الله برزق لم يخطر على قلب بشر، وتأتي الغيمة بعد جدب لتبلل القلب المعطوب. فيا رب استجب، وتقبل وأرزقنا الرضا بكل حال.

سلمى تكتب- اليوم السادس والأربعون

يضع السكان أوعية بلاستيكية بعضها للماء والبعض الآخر للطعام، تتناثر أمام البيوت لإطعام القطط الشاردة، في بادرة لطيفة من أهالي الحي.  ربما يختلط هذا بأعمال كثيرة غير صالحة، أبرزها أكوام القمامة المتناثرة في المساحة الخضراء بين البيوت، وهذا حال البشر يختلط صالح عملهم بطالحه، يزيد هذا فوق ذاك، لكنهم بشر في النهاية. انتبهت لهذه الملاحظة عندما قابلني منشور عن مقال لم أقرأه، يحكي كيف يهاجم الناس ممثلًا ظهر في صورة يتعبد، وأخذوا يقذفونه بأحكامهم وانعدام قيمة ما يعمل وأن الله -حاشاه لا يعلم الغيب إلا هو- لن يتقبل عمله، ويسمعونه من الكلمات ما ييئسه من رحمة الله. هذا الممثل تحديدًا له سابقة هداية وحين تعثر سلقه الناس وعلى رأسهم المشايخ والدعاة بألسنتهم، لم يطمئنه أحد منهم بسعة رحمة الله، ولم يمدوا له طوق نجاة. دائمًا أرجو الله أن يعيده إليه، فكل خير في النفوس يترقق القلب أمامه، ولكن الناس تنسى وتحكم، والله لا ينسى ولا يمل حتى تملوا.

سلمى تكتب- اليوم الخامس والأربعون

بدأ اليوم بشكل سيء جدًا، كوابيس مزعجة للغاية أصحو منها أملًا أن أقطعها، ماتروشكا من الأحداث المتلاحقة المخيفة والكثير من التفاصيل، استغفر وأغير وضعية النوم ليهجم كابوس آخر أشد قسوة من الأول. أصحو بشفاه بيضاء من شدة الرعب وبجسد متكسر كأنها خرج لتوه من معركة ضارية، ألملم نفسي وأجرها من السرير كي استعد للعمل، ألم فوق ألم مزمن أعانيه كظلمات بعضها فوق بعض. حاولت نفض الألم عني بلا جدوى، جسدي أصبح خشبًا مسندة إلى بعضها وانتفى عنه كل حيوية ومرونة، كل الحركات صعبة كل الأوضاع بلا راحة. أجرجر نفسي للمنزل في طريق العودة، أكسر صيامي وألوذ بسريري بحثًا عن بعض الراحة، ثم أبكيني حتى صلاة العشاء لأني فشلت في النوم هربًا من كل هذا الألم.

سلمى تكتب- اليوم الرابع والأربعون

‏"إن كنت قلته فقد علمته" توقفت لبعض الوقت أمام الآية، مطَمئن أن الله يعلم ومخيف كذلك أنه يعلم، كم مرة ادعى الناس أننا نكذب ولكنا صدقنا؟ كم مرة غيرنا الحقائق وقصصنا الحدث بطريقة مختلفة؟ كم مرة شككنا في نوايانا وما تنطق به ألسنتنا وكان الله شاهدًا علينا؟ أكره الكذب، والاتفاف حول الحقيقة وتزييف القول لتجنب العواقب غير المرجوة، أكره نفسي حين أضطر لتغيير الكلمات لتبدو أكثر تماسكًا وأقل عرضة للمشكلات، وأحاول قدر ما أستطيع التمسك بالصدق. استغرب من كل كاذب لا يتحرج من فعله، كل مروج لشيء يعلم ضرره أو انعدام فائدته، تقديم المنفعة والربح على مخافة قول الزور. لأتذكر كيف ختم الله السورة بقوله: "هذا يوم ينفع الصادقون صدقهم" فأطمئن لوعده وأخاف أن أكون من الخاسرين.

سلمى تكتب- اليوم الثاني والأربعون

دخل المكان يدفع الكرسي المتحرك الذي تجلس عليه، يتحرك بمرح وثبات ويتعامل معها بحب جم، يسألها أيهما تفضل ثم يشتريهما معًا كأب محب لا يقاوم نظرة عيني طفلته المدللة. يوجد نوع من البشر يتعامل بصبر وود مع تقلبات الحياة دون تحميلك معروفًا لأنه فعل، يساندك ببساطة ويغدق عليك الحب بلا أي ذكر لتضحية أو تحسر على حظ عاثر لكونه معك في القارب المثقوب في قلب البحر، ويكون لطفه مع الجميع أكبر من قدرتك على تخيله. يعطيها الهدية المصاحبة للطلب، يمازحها ويدفع الكرسي بعيدًا تلفهما الدعوات بالبركة ودوام الألفة. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الحادي والأربعون

نصب الأطفال خيمة في المساحة الخضراء التي تتوسط المربع السكني، مررت بهم في الطريق إلى العمل وأخبرت لت أحد الصغار الذي أطل برأسه خارج الصرح أنها "حلوة أوي" ابتسمت في سعادة كأني من يلعب داخلها لا هم. كان الأمس ثقيلًا، استعمل هذه الكلمة كثيرًا مؤخرًا، حاولت فيه التماسك والاستمتاع باللحظة والتغاضي عن كل الأحداث، ثم انهارت دفاعاتي في نهاية اليوم وانخرطت في بكاء مرير. وحين مررت بالخيمة، المصنوعة من الملاءات القديمة، كنت خفيفة لبضع ثوان وتبسم قلبي حقًا، لفرحة الأطفال ببنائهم وذكرياتي عن اللعب في هذا العمر رغم كل شيء. لحظات كهذه تخفف وطأة الحياة، لا تكفي لتلغي مرارتها بالكلية، فقط تضيف بعض الحلاوة عليها. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الأربعون

مات الولد. نبكي أنفسنا لا الموتى في كل عزاء، نبكي من الخوف والفجأة والترك، نبكي لأن الحياة غادرة ورخيصة، نبكي لأننا الموتى الذين لم يعلم بفنائهم أحد. يمر خبر وفاة البعض كسطر في جريدة لا تتوقف عنده كثيرًا، ويصفعك آخر كموضوع الصفحة الأولى بأعرض خط ممكن، ينغرس أثره عميقًا في فؤادك، لا لقربه ولا لخصوصية العلاقة إنما هي الظروف التي تلقيت فيها الخبر، حالك في لحظتها، ومخزون الدمع المكتوم. يربكني الموت ويشل قدرتي على التفكير، يجعلني أجدف في بحر من الرمال وأغرق في الأسى، لكن الحياة لا تنتظر دمعي ليجف وتقذفني في تقلباتها أو خبر موت آخر. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثامن والعشرون

صبرت صبرت ثم فشلت في الاختبار. صحيح يا ست سوما "إنما للصبر حدود"، يتحمل المرء الضغط في البيت في العمل في الشارع، مشكلات شتى وسخافة تقطر من الناس تجعل الحياة خانقة، يصبرويتجلد ويسأل الله الحلم ثم ينفجر من الضغط بعد طول صبر. هل ضيعت جزاء صبري وتجاوزي عن الصغائر حين فشلت؟ هل هذا فشل بالضرورة؟ ما كان بيدي حيلة، منهكة ومثقلة وآكل الكدر وأقول: ما عند الله خير وأبقى، غدًاتأتي الغيمة وتبلل القلب المعطوب، لكن الحياة تزيد من أثقالها فأمشي كأحدب نوتردام أحمل صخرة ضخمة خفية من المشاعر والآلام، وأظل أصبر وأحاول كي لا أنسحق تحتها. متى أتخلص من الصخرة؟ أم أنها لعنتي السيزيفية؟ #سلمى_تكتب_٧٥يوم 

سلمى تكتب- اليوم السابع والثلاثون

لا شيء يدور في رأسي لأكتب عنه، والكثير يدور في الوقت ذاته، يشبه الدخول إلى منزل فارغ من أهله لكنه مليء بالكراكيب، فلا هو فارغ يرتد الصوت فيه ولا مأهول ومؤثث، فوضى من اللاشيء. في بعض الأوقات لا أفهم ما يحدث مع أفكاري، أظن أني هادئة وعقلي خامل، ثم أفاجأ بسيل من الأفكار وأنا أغسل وجهي في الصباح، متى استيقظ عقلي لينهمر هكذا؟! كل وقت عمل طويل لا استعمل كل حواسي فيه وأشغل المستريح منها، هو عذاب مستمر وآمال عظيمة في انتهاء الألم ومقدم الفرح، تتكسر كموج عارم على صخرة اليقظة. أحيانًا يصبح عقلي مشغولًا لدرجة تشله عن التركيز في أي شيء، الصلاة دون تشتت جهاد، والعمل دون أخطاء ضرب من الخيال وقطع هذا الانشغال مستحيل الحدوث. هل فهمت شيئًا من ما قلت؟ لا أعلم فالأفكار تتلقفني ككرة من الصوف بين أنيابها منذ فتحت عيني، والكتابة تقاتل للخلاص منها. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم السادس والثلاثون

اختارت العائلة بيتًا جدرانه من الصبار الشائك وذا جو جاف خانق للسكنى، كما يختار أبطال فيلم الرعب أبعد البيوت ملائمة عن الأمان والراحة ليعيشوا فيه أيامهم النحسات. في بيت كهذا لا يمكنك الاستناد إلى الحائط لتمنع نفسك من السقوط، ولا إراحة ظهرك عليها بعد يوم شاق، الشوك في كل مكان وسبيل النجاة هو تجنبك للجدران طوال الوقت، والتحرك بلا سند في قلب هذا البيت. كبر أطفال الأسرة البائسة في بيت بلا حوائط كأنهم في العراء، بل أسوء لأن العراء لا يدميك كلما نسيت وتلمسته، كبروا وقد تعلموا الدرس جيدًا: لا تستند إلى بيتك وإلا قتلك. ذات نهار ضاعت الطفلة الصغرى في الأدغال الجافة حول البيت، خرجت في جهة خضراء غريبة ورآها أصحاب الكوخ الصغير في صدر ما عرفت لاحقًا أنها حديقة. أدخلها صاحب البيت ريثما يفهمان منها -هو وزوجته- كيف أتت ومن أهلها، كانت الصغيرة مشدوهة تتطلع إلى الجدران الناعمة بلا شوك، تنظر برعب إلى المرأة تسند جيدها إلى الحائط دون أن يتلون بالدماء. بعد بضع ساعات من البحث وصلوا إلى بيت الصبار، دخلت الصغيرة لتخبر إخوتها عن المعجزة، اندفعت محتضنة الحائط فتلون بالدماء. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الخامس والثلاثون

"إلا الصيام فهو لي" أرى حال الصيام كعمل بين العبد وربه كحال كلي لرمضان، أحب الأعمال في خلوة وحدي واستشعر خصوصية الشهر بيني وبين خالقي لا الإثابة على الصيام فحسب. تفرض طبيعة الشهر وأوقاته أن أكون وحدي أغلب الوقت، في حال مستكين وقلب هاديء على غير ذلك من أيام، وتفرد يجعل للعبادة بعدًا جديدًا من الصلة، أنفصل عن جموع الناس لأتصل برب الناس. كل عمل في رمضان بالنسبة لي هو خطوة في السير نحو الله، سير فرداني من نفسي إلى جوار المولى، كل كلمة وكل كظم للغيظ وكل ركعة قيام هي لبنات في بناء صرح من الصلة الأهم في حياة المرء. أرجو من الله أن يكون وجهتي أينما وجهت وجهي في رمضان، منه المبتدأ وإليه المنتهى. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثالث والثلاثون

لا أفهم إصرار البعض على الإجابة بالمنطلق على أسباب قيامنا بطاعة ما، الصيام لنستشعر الفقراء، الصلاة تمارين رياضية والزكاة لإرساء مبدأ التكافل، وهي تعليلات تحمل شيئًا من الوجاهة لكنها ليست صحيحة كسبب رئيس، الطاعة هكذا لأنها أمر الله لنا، ذلك تأويل ما لم نستطع عليه صبرًا. لا ضير في تحقق فائدة دنيوية أو مكسب روحي من الطاعة، المشكلة هي التركيز عليها فقط واستبعاد فكرة العبودية، والامتثال للأوامر والتسليم بحتمية الحكمة المحجوبة عنا ويعلمها عالم الغيب والشهادة. في حياتنا اليومية نعتنق النفعية المادية كسبب للعمل والإنجاز، وهو ما لا يصلح للدين، تسمو الأديان فوق النفعية وعجلتها الطاحنة، إلى عالم من الغيبي والروحي والامتثال دون مساءلة للرب، فهو لا يُسأل عما يفعل وهم يسئلون. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثاني والثلاثون

أجلس في هدوء دون حركة أو صراخ بينما يعالج الطبيب أسناني، فقط تأوه بسيط حين ضغط بشدة على ضرسي، تذكرت حينها جملة قالتها لي اختصاصية البشرة وهي تباشر جلسة تنظيف البشرة وأنا مستسلمة دون أن أنبس بحرف، قالت: "لابد أنك مررت بألم عظيم، لا أحد يجلس هنا ساكنًا سوى من خابر الكثير من الأوجاع التي تهون البقية بجوارها." كانت محقة، خابرت الألم كثيرًا، في أيام كان جسدي كله يصرخ ولا شيء قادر على إسكاته، جربت آلامًا مميتة لأيام وأحيانًا لأسابيع، في صغري وشبابي وبأشكال شتى، كنت أهزم الألم في النهاية لكن بالكثير من آثاره على جسدي وقلبي الممزقين، وأفوز في النهاية لتأتي الأيام بمعركة جديدة. كتبت مرة أني أخر العشرة خاصتي، كما كانت تدخرها بطلة فيلم "fault in our stars”، حين يسألها أحدهم عن مقياس الألم تقول في أشده أنه تسعة من عشرة، تدخرها لألم لن تقوى عليه، أملًا أن يخطيء الطريق إليها. ورغم كل هذا، أنا بطلة قوية، هكذا يقول معالجي النفسي، تحملت وتخطيت الكثير من الألم، وما زال في العمر بقية آمل فيها آلامًا عادية لا تحتاج لأية بطولة. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الحادي والثلاثون

غدًا غرة شهر رمضان المبارك، يثير مقدم رمضان الكثير من المشاعر المتضاربة في نفسي، قلق وخوف وفرحة وترقب وأمل في سكينة لروحي. في كل عام أقول: سأستعد مسبقًا وأرتب كياني لولوج الشهر بهمة عالية، واستشعار لإيمانيات هذه الأيام قبل حلولها، لكني انشغل في الحياة والقلق حول كل شيء، لأتفاجأ بقدومه دون استعدادي كالعادة. يا رب أنا أمتك الضعيفة الفقيرة إليك أصلح لي نفسي، وخذني إليك مني وعلمني كيف أسير في الطريق إليك، كن لي معينًا وارزقني من السكينة والسلام فوق ما أتمنى. إلهي كل الأيام في معيتك مقدسة وكل الأعمال الصالحات لا تساوي جناح بعوضة أمام نعمة واحدة من نعمك، وكل رمضان تمد في عمري لأتعبد فيه هو فضل عظيم. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثلاثون

"هي التي تمشي على العشب دون أن تثني منه عودًا واحدًا" هكذا يصف أحمد خالد توفيق ماجي على لسان بطله رفعت إسماعيل، وصف مبالغ لرقتها تتلاشى أمامه الكتلة ويدحض قوانين الفيزياء. اعتدت لسنوات أن لا أطأ العشب في الطريق، استعمل الأرصفة وأدور مسافة أكبر حول الأرض المعشوشبة، أحب الزرع وأكره تدميره ببساطة؛ لكن الحياة أثقل من أن تتركني لتفاصيلي الرقيقة، فتجاوزت الأمر وتعلمت الخطو عبر العشب لأنه تالف ومهمل ومحاولتي لتحاشيه لا تفيده. الكثير من أمور الحياة لا يفيدها حرصي عليها أو رقتي نحوها، وفي بعض الأوقات يصير حرصي معطلًا لحياتي دون تحسين لحياة غيري، فما الفائدة؟ الآن أخطو فوق العشب وينثني تحت قدمي بالطبع، إلا أن روحي تحمل من الرقة ما يفوق وصف رفعت لحبيبته. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم التاسع والعشرون

يصحبني صداع الرأس منذ سن مبكرة، صداع دائم يزداد عنفًا مع كل شيء، ألم الأسنان ويوم دراسة طويل ومشاكل الهضم وبعض الضيق. صداع يكفي لأتقيأ قلبي من فرط الوجع، يعيش معي وينمو في خلفية أيامي بلا توقف. بعض الأيام تتميز وتُحفر في ذاكرتي لأنها بلا صداع بلا ألم وبلا ضغط، يكفيها هذا الامتياز لتصل إلى مرتبة أيام النجاح والأفراح. اليوم الصداع قوي، لدي مشكلة تافهة في العمل تنغص يومي وتزيده بشاعة، أكره العمل وأكره اضطراري إليه وأكره ضيقي أحيانا مع عدم منطقية ذلك لأنه شعور لا بد لي به. كل الأيام سواء في الألم، تعتصر قلبي وتزيد الصداع سوءًا. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثامن والعشرون

نشرت صديقة جميلة تنظم الشعر صورة لنبتة "كف مريم أو زهرة أريحا"، نبتة تباع مجففة على هيئة جذور جدباء تتكور على نفسها، دون أي ملمح للحياة فيها، ما عليك سوى غمرها في الماء لتتحول في مشهد سينمائي إلى الأخضر وتدب فيها الحياة كأنها لم تر جفافًا قط. فكرت كم تشبه الزهرة صديقاتي الجميلات، أجبرتنا صفعات الحياة على التكور حول نفسنا الغضة، نرتدي دروعًا صلبة لتفادي الصدمات والتجارب القاسية، نبدو للناظر من بعيد جذورًا ميتة لا معنى لها، لا نلفت النظر في واجهات العطارين كغيرنا من النبات. لكننا نحمل في دواخلنا عالمًا كاملًا، حدائق غناء ذات بهجة، فقط بضعة أكواب من الاهتمام، القليل من الصبر، ولا حاجة لأي نور كي نتفتح، نكشف عن جمال أخاذ، وأخضر كثير يدهشك خروجه من بين جذور تبدو في أحسن الأحوال ميتة. في كل مرة ترى فتاة صلبة، فكّر: "أي جنة تختبىء خلف أبوابها السرية؟" #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم السابع والعشرون

شاطر ومشطور وبينهما طازج" أضحك من الجملة كلما تذكرت أستاذ العربية يخبرنا بأنها كانت إحدى محاولات تعريب كلمة "سندوتش"، تشعر بأنك تطلب قربانًا لا وجبة خفيفة تأكلها. تذكرت الجملة بالأمس، كل المرات التي أتى فيها الفرح، يحضر نفسه بين الأحزان والعرقلات المفاجئة بدءًا من انشقاق فستان إحداهن إلى انقطاع الكهرباء والماء في يوم عرس، جدالات بين كل الأطراف، والكثير من المهام التي تؤجج الجو بالتوتر. يتلاشى كل هذا في لحظة الفرح، يبدأ اليوم بحدثه السعيد فتتراجع العثرات، ويتغاضى الكل عن المشكلات، وننخرط في السعادة كأننا لم نر حزنًا قط. تشاطرنا الأحزان كل أوقات السعادة، وتشطرها في خضمها أحيانًا ولا يتبقى في آخر اليوم سوى طزاجة السعادة.

سلمى تكتب- اليوم الخامس والعشرون

كان اليوم ثقيلًا، واحد من الأيام التي أتمنى فيها ضرب كل شيء عرض الحائط، وترك النار لتأكل الأخضر واليابس وألوذ بعزلتي وسريري. يختبرني العالم كل يوم، أتحمل هذا بجلد، يزيد من ضغطه على أعصابي وطاقتي، أكبح غيظي وعصبيتي وأتحاشى تأجيج المشكلات، لكنه لا يكتفي. صرخ فلان اليوم في وجهي بلا داعٍ، وعاملتني أخرى بقلة ذوق متناهية، ولم يكن مني سوى طبع ابتسامة محايدة ووجه جامد احترافي لأننا في العمل. دائرة الوقاحة لا تتوقف، الحياة تضغط أكثر فأكثر وأنا أصبر وأكبت البركان الذي يوشك على الانفجار كلما اختبرته النوائب. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الرابع والعشرون

دعوت الله ذات مساء أن يجعل فؤادي كأفئدة الطير، لست أرق الخلائق بل ربنا يراني البعض بعيدة كل البعد عن الرقة واللين، لكني أعرف نفسي وأنا وحدي القادرة على تأكيد تحقق هذه الصورة. اليوم أربت على حيوانات الشارع، أضع لها بعض الطعام وأرق لضعفها. أحاول تفهم ما وراء طبائع الناس وغلظتهم، التحرك إلى مستوى الفكر والتعامل الذي يريحهم، وتجاوز الكثير من أخطائهم. أحيانًا أقوم ببادرة طيبة خيرة بلا معرفة أحد، وأشعر بحسن قلبي وصدق نيتي فيما أعلن من خير لأني أسّر ما هو أفضل منه، وأحمد الله لاستعماله إياي، أنا الفقيرة على باب الغني المغني.  أفقد بوصلتي مع مصاعب الحياة، وتتصدر المشهد شخصية صلبة لتحملها والتعامل معها، أنهار في لحظات الوحدة لفرط ما تلبست القوة، وألعن العالم وأتعهد بصب جام غضبي عليه منذ اللحظة، ثم استيقظ في الصباح أداعب قطة في الطريق إلى العمل وأدعو الله بلين القلب. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثالث والعشرون

في شرفة منزلنا القديم تخيلتنا معًا، أحب تلك الشرفة وكل أحلامي عن البيت الذي أتمناه توجد بها شرفة مشابهة. كنا نفترش الأرض وحولنا بعض الكتب والمجلات وكاسات الشاي وبعد الأطعمة الخفيفة، الشمس تعانق وجهك بدلال مع نسمة مساء شتوي تداعب غرتي من حين لآخر. نبدو منشغلين بحل أحجية ما في المجلة أمامنا، كم أنت ظريف عندما تصب تركيزك على شيء ما، وفجأة تقترب مني ويلفني ذراعك وأنت ترفع الورقة ليظهر حل الأحجية يشفه ضوء الشمس، تنظر لي فرحًا منتظرًا رد فعلي، ووجهانا كشريكين يتعانقان في رقصة تانجو . لا يهمني اكتشاف حل اللغز في هذه اللحظة، بل إجابة سؤالك في الأسبوع الماضي "هل تقبلين أن تشاركيني حل الأحجيات لما تبقى من عمرنا؟"  أني أريد ذلك وبشدة، أنك القطعة المتممة لأحجيتي الناقصة منذ زمن. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثاني والعشرون

لا أعرف كيف يتسامى المرء فوق ما خَبُره، أن ينخلع من علمه ومشكلاته وحواضن قلقه الوجودي، ويعيش خفيفًا كأنه غُمس في نهر من نور سحري يخرج منه جديدًا وبقلب متصالح مع كل شيء؟ كنت أحاول اصطياد فكرة ما لأكتب عنها، حين خطر ببالي منشور يحكي كم هو تعيس من عاش في خناق تجربة ما بعد انتهائها، مع التفهم التام للتجارب القاسية، فالعيش ضحية لها ما بقي من العمر أقسى. لهذا كان التساؤل أعلاه، والخوف من اللحاق بركب التعساء الذين حصروا حياتهم في بقعة الظلام الأحلك، وصاروا سجناءها. أنفض ثقل الفكرة نفسها عن رأسي، استعيذ بالله منها، أتذكر كم مرة تشبثت بالألم كي يظل شاهدًا على جراحي، وكم مرة تعاملت بحكمة اكسبتنيها التجربة دون استدعاء لطمية الصدمة النفسية، وترى متى سأتوقف عن هكذا تساؤل لأني تجاوزته بالفعل، غرفت من النهر وأصبح فؤادي طيرًا خفيفًا. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الحادي والعشرون

أنا شخص لا يعرف الخطط، لم أكتب يومًا أمنياتي للعام الجديد، لم أرسم جدولًا للمذاكرة قط، ولم أعرف طعم الوصول لهدف وضعته وعملت من أجله. لا يعني هذا انعدام تحقق الأماني -على قلة ما تحقق- لكني سُلبت حق التجربة والخطأ، عليّ النجاح في كل مرة، الفشل يعني إني شخص فاشل، مرة واحدة هي الأبد كما يقول كونديرا الوغد. حرمني هذا من لذة الوصول، كنت أتيه بلا وجهة محددة، أسير بخريطة كلها من مدن لا وجود لها، وأخاف أن أصعد الدرجة الأخيرة لوجود احتمال ضئيل بالفشل. ولتكتمل درامية المشهد فحظي عاثر أغلب الوقت، كل طريق أسير فيه مليء بالحفر والمطبات، كل خطوة بسيطة للأمام تستلزم حربًا، وكل روتين معتاد يستنزف طاقتي فلا يتبقى لدي أي رغبة أو أمل. تصالحت مع خوفي وحظي العاثر وطاقتي المحدودة، تعلمت الصبر والهدوء في المواقف السيئة ولكن قلبي مزقه طول الأمل الذي يأتي ويذهب . #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم العشرون

يحسدنا الجيران على رائحة الخَبز ودخان الموقد المتصاعد من بيتنا، خَبز لا ينقطع معظم العام كأنه وليمة متواصلة لأفراح شتى. لا يعلم أحد كنه ما يُخبز، في بيتنا نخمّر مستصغر الحزن في بطرمانات نحفظها في مكان دفأته الصراعات بنار لا تخمد، يتكاثر ويفيض بشكل سرطاني فنخزنه ونطهو منه كل يوم، نلوكُه في كل الأوقات ونستعيض به عن كل زاد طيب. وحين يأتينا طعام ممزوج بفرح دخيل نتخلص منه، نهبه لأحد الجيران الحاسدين، يطهونه ويكثرون مرقته بكل سعادة مدخرة لديهم، ويصبح لديهم وليمة فرح لذيذ معتقدين أن طعمها الشهي هو ما نتناوله طوال الوقت،  فيدعون لنا بدوام رائحة الخبز الذي تذوقوه أخيرًا، فتتكاثر عجينة الأسى لدينا بدعواتهم، فنلوكها لأعوام أخر. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم التاسع عشر

رأيت فيما يرى النائم عالمًا يتهاوى وبيوتًا تتهدم ودمارًا يعيث في الأرض فسادًا. يظهر من بين الخلائق رجل آتاه الله من العلم والحكمة، كذي القرنين لكنه لا يطلب منا قوة تعينه لإصلاح ما فسد، بل قلوبًا موقنة واستحضارًا لبركة الخالق الذي يخرج الحي من الميت، أن نؤمن بقدرتنا على رفع السقف بأعيننا وتشييد المدينة بنور الله ومعجزاته، بإيمان لا يخالطه شك، أنا قد مننا عليكم مرةً أخرى. كنا -في الحلم- نستحضر معية الخالق فنطفو في الهواء ونقطع المسافات وننقل الأدوات دون جهد يذكر، وترتفع أساسات المدينة تحتنا بقوة كشجرة تنطلق في النمو بأصل ثابت من اليقين في أن الله معنا، وسقف يعلو في السماء بحوله وقوته. أما الصادقون المؤمنون فكانوا فراشات مضيئة في نسيج السماء الداكن، يرفرفون كأنهم خلقوا منذ البدء بأجنحة، ويسبحون بحمد ربهم كي لا يسقطوا أرضًا إن هم نسوا الله، صاحب الفضل الذي لا يعجزه شيء. فآمنوا وصدقوا واسجدوا لله شاكرين. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثامن عشر

لا أعرف ما الفائدة من الكتابة في الوقت الذي يغيب فيه الدافع وبذرة الفكرة الجيدة، سوى القدرة على الاستمرار وكسر حلقات الخواء والكسل. أن استمر هو أن أنجح، قاعدة بسيطة لأي مهارة أو عادة لتؤتي بثمارها، وهذا وحده أكثر من كافٍ لأحاول. أحيانًا أتساءل: ترى ماذا سنكتب في اليوم الخمسين؟ والأهم هل سنتابع التدوين حتى ذلك اليوم؟ وكلا السؤالان لا يجيب عنهما سوى الوقت.  ربما لا تحتاج الحياة منا حين نفتر إلا دفعة بسيطة للأمام يومًا بعد يوم، علنا نصل في نهاية المطاف.

سلمى تكتب-اليوم السابع عشر

يُقال أن الشخص البالغ الذي بإمكانه طمأنة الطفل الذي كنته هو أنت الآن، أنت الواعي والمكتشف لذاته وصدماته وطرق تعبيره، أنت أمانك الحقيقي. في أوقات الهدوء النسبي استشعر هذا، كم أنا أم جميلة ومناسبة واستطيع تربية طفل آمن، بل أريد لو أصير أمًا في الحال، لينعم طفل محظوظ بحبي وفهمي. وفي أوقات الحوادث المحفزة لصدماتي أحمد الله لأني لست أمًا، لن أشوه نفسية أحد أو أجعله يكرهني ويكره العالم، ولن أعاقب نفسي على التقصير في حق طفل لأن مزاجي معكر ولا طاقة لي. ومع هذا أقوم بالدور مع ذاتي، أوبخني حين أخطئ وأضمني في لحظات الأسى، وأتوقع من نفسي مثالية خيالية عصية على التحقيق. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب_اليوم الخامس عشر

وأعلم يا رعاك الله أنك لم تؤتَ علم سليمان ولا صبر أيوب، وكل ما تعلم ربما لا يفيدك في موضع صبر، وكل ما تصبر عليه ما كنت عالمًا بثماره. وأن الدنيا زائلة فلا تأخذها بمحمل الجد، وأنها زائلة فاقدم ولا تخف. وكل ما أهمك زادك تواضعًا وفهمًا، وكلما زدت تواضعًا وفهمًا صغر في عينك ما أهمك. وأنك في الدنيا مسافر كلما خف متاعه وتشبثه بأرضه، كلما يسرت له الطريق وأسرع إلى وجهته، وأين ما تولي فثم وجه الله. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الرابع عشر

الحب على حقيقته أمنٌ بعد خوف، واطمئنان إلى وجودك من القلق في غيابك وسكينة لفؤادي الحائر في كنفك. أن تصير مرآتي، أطالع عينك لأرى نفسي على حقيقتها، أسألك هل أنا جميلة؟ وأصدق كوني أجمل نساء الأرض بلا أي شك لأنك قلت.  أضحك في حضرتك فتتكاثر الضحكات بمشاركتك اللحظة، أنزع أسلحتي ودروعي وأغرق في البكاء فيتبخر دمعي في حضنك الدافيء، ويتكاثف حنانك حول الأيام الجدباء ويتساقط على قلبي، فيعود أخضرًا يانعًا.  الحب ليس اهتداء للطريق الواصلة بين قلبينا، بل خلق الطريق، طواعية وفي معية. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثاني عشر

تحكي قصة عن إخطبوط وحيد يريد مصادقة قرش، فطلب منه القرش إحدى أذرعه ليأكلها ويسد جوعه، كقربان ليصيرا صديقين بعد ذلك.  سيقدم الإخطبوط ذراعًا تلو الأخرى، ستدميه التضحيات ثم يفنى في سبيل هذه الصداقة. القصة من فيلم أحبه، ورغم مأساتها ودلالاتها في سياق الفيلم، شحذت فكرة جديدة اليوم. في كل مرة تبخل الحياة عليّ، أتذكر جودها في أصدقائي فأغفر لها. لم يكونوا يومًا القرش في القصة، كنا جميعًا حفنة من الأخاطب، يرانا الناظر من بعيد ككتلة متشابكة بلا معنى بينما نحن متلاحمين، يمد الجميع أذرعهم لنحتضن بعضنا بعضًا، يعطي كل منا بلا تضحية بلا جراح وبلا خوف، ولكنا نفنى من أجل بعضنا بكل ما تملكه قلوبنا من طاقة، لكي لا نصبح لقمة سائغة في فم القرش. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم العاشر

لا يكفي عقبة أو طريق متعثر لكل خطوة في حياتي، بل تكون نقطة الوصول في حقل مرصع بالألغام. لا يهم حجم الأمر ولا أهميته من عدمها، فعلى الأغلب لن يكون سهلًا، لا شيء سهل في الواقع بشكل كامل، لكن الأمور تخصني بصعوبة إضافية من باب التسلية؛ يرهقها السهل اعطها العصي. حين سألني صديقي: من يضع الألغام ويتآمر عليك؟ أي كيان هذا الذي لا يرأف بحالك؟ لم أجد جوابًا محددًا، حاولنا فهم الشرير في القصة ولم نفلح. وحينها أخبرني في حزم: لديك جهاز التحكم في الأحداث، كل ما عليك هو أن تحركي ساكنًا لتصبح النتيجة من صنع يديك. لا يهم كم هو عصي ومرهق، فقط اطرقي باب الخزان قبل أن تخنقك يد الشرير. سلمى_تكتب_٧٥يوم#

سلمى تكتب- اليوم التاسع

في كل مرة تضعني الحياة أمام الاحتمالات، ما يتوجب عليّ فعله في هذا؟ ما يجب أن أقوله حينذاك؟ وتتبرعم الأسئلة والسيناريوهات في عقلي، أتذكر كيلوا في برنامج القناص وهو يقول بعد سؤال يُستعصى إجابته، مانعًا ثالثهما الأحمق من الانفعال: "هل تريد أن تفسد علينا نجاحنا؟" أعرف في قرارة نفسي كيف تكون اللا إجابة على السؤال هي الإجابة، وكيف تخلق الإجابة نفسها في وقت الحدث، لا يهم كم فكرت وخططت وتلاعبت بي بنات أفكاري المتمردة، في النهاية ستنكشف الإجابة كأنما وجِدت منذ البداية. تعلمت قبول ترددي وتخبطي وخوفي، دربت نفسي على التسليم والرضا مرارًا وتكرارًا، آمنت بأن يدي الله ستتلقفني لا محالة، وما زلت أجهل الإجابة، ورغم هذا احتفل بنجاحي في استبصارها كل مرة. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم السادس

يستيقظ في السابعة صباحًا رغم أنه بلا عمل، يحلق ذقنه في ببطء شديد، يحضر الإفطار، يفتح التلفاز لخلق بعض الصحبة وهو يتحرك في المطبخ. ينهي طعامه، يرتدي ملابسه ويضع نظارته الطبية في جيبه، وصفة طبية تحوي أدويته الشهرية، وورقة بطلبات المنزل. بعد السير لأبعد مقهى في حيه السكني، يجلس على الطاولة ذاتها، يطلب فنجان القهوة السادة ككل يوم، ويتأمل المارة. لم يكن من محبي "قعدة القهوة" لكن بعد وفاتها ومع إحالته للتقاعد كاد يجن من الوحدة، فأصبحت المقاهى ملاذًا يمده ببعض الونس وتساعده على تزجية الوقت. يعود للبيت الفارغ كبطل حرب متعب ولا أحد في استقباله. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الخامس

صادفاني يركبان سعف نخيل يابس كأنها مكنسة سحرية، يركب الصبي في المقدمة وخلفه الفتاة في معطف وردي، يضحكان من المركوب والفكرة ثم تنزلق الفتاة خارجها. تنظر لي ووجنتاها أشد حمرة من معطفها، يحثها للعودة إلى مقعدها المتوهم، أبتسم فتخبره أن: "الناس بتضحك علينا"، أشيح نظري ويتناهى صوت الصبي إلى مسامعي: "مش مهم مالناش دعوة يلا اركبي". ودت لو كنت مكان الفتاة ليخبرني صبي على حصان من سعف بضآلة أهمية رأي الناس، أو التأثر بهم، يشجعني على الانطلاق والمرح وكسر الرتابة وهو يسبقني كي نضحك معًا في سعادة، أو يضحك الناس علينا معًا -كذلك- إن بدونا كالبلهاء. وفي خلفية المشهد اسمع صوت ناظم الغزالي يغني: "فوق النخل فوق يابه فوق النخل فوق مدري لمع خده يابه مدري القمر فوق والله ما اريده باليني بلوى" ابتسم وأنا أرقب بساطهما السحري يحلق بهما على الإسفلت، وغبار المرح يتناثر على المارة. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب-اليوم الرابع

"أنا بانتظار خطوةٍ منك لأخطو لك بعدها خمسين  خطوةً" جملة على لسان محمود درويش يتناقلها الأصدقاء عبر هذا الفضاء الأزرق منذ البارحة. احتجت لسنوات كي أتعلم حث الخطى وأن لا أقطع الطريق أمام فرص الحياة والحب، وحين خطوت خطوة واسعة تجاهي قابلتها بخطوة مني، انتظرت خطوة أوسع كي أقابلها بالمشي إليك آملة أن تأتيني مهرولًا. لكنك بترت قدمي فجأة، صرعني الألم وحيلت الطريق الممهدة لأرض حلمنا الموعود بحرًا من الشتات والفرقة. هل كان عصيًا بذل الجهد الضنين لنلتقي؟ أم لم يكن مهمًا على الإطلاق أن تحاول من أجلنا؟  خطوة منك تتبع خطوة مني، ونكرر ونكرر ، خطة بسيطة  لنسير معًا يدًا بيد نحو الأبدية. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثالث

تخلفت مدربتي اليوم عن موعدنا دون سابق إنذار، ولم يخبرني أحد المسؤولين في الصالة الرياضية معتمدين أنها قد فعلت، سوء تفاهم ضيع علي الساعة التي أحاول الالتزام بها رغم كل شيء. لو حصل هذا قبل خمس سنوات لتضايقت بشدة وامتقع وجهي وتصاعد صوتي، لكن بعد الكثير من اللطمات تصالحت مع كل الأشياء الخاطئة مهما كبرت أو صغرت، التجديف في الرمال المتحركة لنوائب الأيام تغرقك وتسحبك إلى الأسفل، الصبر والهدوء هما سلاحك لتنجو. تبدو مشكلة تفاهة لشخص مرفه لا يدرك ثقل الأيام، لكن لا تخدعنك المظاهر يا صديقي، إنها محاولات البقاء، التشبث بشيء يبدو رفاهية ولذوي البال الرائق حتى لا نتصدع تحت ضروس الحياة. ماذا كنت أقول؟ آه الرمال المتحركة، يشرح هذا لماذا أبدو للناظر من بعيد ثابتة لا أتحرك ولا أتقدم قيد أنملة من أي شيء، فصراع الأيام سيغرقني وأنا لا أتقن السباحة. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثاني

في الطريق إلى العمل تلفتني شجرة عالية بأزهار صفراء فاقع لونها تسر ناظري، هناك على مد البصر فوق كتفي الأيمن، ترتكز بدلال وأبهة في زاوية من بيت. ليست نادرة بل كثيرة في كل أطراف المدينة بمساحاتها الخضراء التي يحسدنا عليها الغرباء، بل إنها موجودة في المحيط ذاته وربما أكبر حجمًا أمام منزل آخر، لكن لسببٍ ما لا ترى عيني غير صديقة الطريق تلك. أقول: ربما يرعاها أصحابها رعاية خاصة، أو ربما تزدهر في الشتاء وقلة الري مع إهمالهم له تزيدها ألقًا، وربما هي الشجرة الوحيدة التي تسللت خارج السياج ولذا أشعر بها مميزة. لا أعرف، لم أحاول أن أقترب لآخذ صورة لها عن قرب، أو أجعلها خلفية لوجهي في صورة ذاتية حتى، ربما هي مميزة لأنها مثلي، تشبهها الكثيرات ولا تشبه سوى نفسها، وتخطف الأنظار لكن لا أحد يدنو منها ليعرف ما تخفي من أسرار الجمال. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الأول

تناثر قلبي اليوم أمامي على الإسفلت، كحجر موسى ضربه الأسى فانفجر عيونًا، وأخذت كل عين تنتحب من ألم لا تقوى على تحمله. انتظرت أرقبه، ينشطر ويبكي، دقائق بدت كأنها الأبدية. وحين توقفت العيون، لملمتها بيدي وكورتها كقطعة عجين وربتت على قلبي واحتضنته ضلوعي. أكملت طريقي دون أن أثير انتباه أحد بقميص مبلل بالأسى. #سلمى_تكتب_٧٥يوم