سلمى تكتب- اليوم الثالث والستون
"نسيت ورقة الطلبات" قالها العم السبعيني بسعادة مفرطة حين وجدها، "هتقولي نسيت كذا هاقولها لا كله في الورقة" وضحكنا معًا.
أخبرته أني أكتب الطلبات على الهاتف، الحقيقة أنا أكتب كل شيء، مصروفاتي وتفاصيل متجري اليدوي الصغير وحساباته وأفكار الكتابة كي لا تفلت، الكتابة تقيني النسيان والتيه، ترتبني لا أفكاري فحسب وتضع الأمور في نصابها الصحيح عند سكبها على الورقة أو الشاشة في حالتي.
يدخل شخص آخر كبير في السن يتوكأ على عكازه، يعطيني "ورقة طلبات" ومعها ورقة بالأدوية التي يحتاج، يطلب مني قراءتها لأنه نسي نظاراته. ورق مكتوب بخط اليد، بقلم أزرق كما أعتاد موظفو الحكومة، وفي ظهر ورق التقويم كأنها تُطبع لنستعملها باتفاق ضمني لكتابة الطلبات.
بالأمس صادفتني صورة لورقة مكتوبة بخط اليد لوصفة، ومعها تعجب من صاحب الصورة كيف تملك كل الأمهات الخط ذاته؟
الورقة تشبه خط يد أمي حقًا، قلم أزرق بالطبع، واسم من نقلت عنه الوصفة بجوار اسمها، تضيف أمي تفصيلة أخرى للوصفة بعد التجربة، تكتب تقييمًا لها بجانب الاسمين "ممتاز.. جيد.. تحتاج كذا..إلخ".
يكتب المصريون كذلك في كراس آخر "كراسة النقوط"، هل شاهدت اللمبي وهو يبحث عن الكراسة الصفراء ليطالب برد النقوط كي يتزوج حبيبته؟ هذه حقوق يدونها الناس ليتبادلوا المساعدة والهدايا في المناسبات، لا أحب الفكرة نفسها ولكن تعجبني لعبة الكتابة.
نكتب صفحات الصباح لنفرغ مشاعرنا المضطربة، نكتب الرسائل المطولة في محادثة مجموعة الأصدقاء لنحكي ما غصصنا به أيامًا، ونمتنع عن الكتابة لنواري مشاعرنا ونكتفي بـ استيكر ليقول ما نود قوله دون كلمات.
وأنا أكتب لأبني ذاكرتي ضد الزمن، حائط أيامي الطيبة والمرة بكل ما فيها لاستند عليه، أهش بها كآبة الأيام، ولي في مآرب أخرى.
#سلمى_تكتب_٧٥يوم
تعليقات
إرسال تعليق