المشاركات

سلمى تكتب- اليوم الخامس والسبعون

هنا تنتهي الرحلة. بدأت تحدي الكتابة هذا بعد حضور محاضرات للالتزام الذاتي وتحليل أسباب نجاحه ومعوقاته، كانت محاولة لالتقاط أي معلومة تنير بصيصًا في ظلمة فوضاي. نادرًا ما أنهي ما بدأت، وما أنهيه يكون في آخر لحظة مهما خططت، لكن التحدي هذه المرة مختلف، نص يوميًا لا فرصة لمراكمة النصوص، لا جدوى من ذلك لأن الهدف هو إلزام نفسي على المداومة. توقعت فشل التجربة خلال رمضان، فحسابي على فيسبوك معطل وتوقفت عن مشاركة الكتابة على باقي المنصات، والتدوين على مدونتي الشخصية التي لا يزورها أحد. ساعدني الالتزام بصناعة محتوى مرئي لمشروعي الخاص عبر انستجرام، مما أهلني لكسب فرصة تدريب مع اختصاصية تسويق عبر الإنترنت، سيبدأ التدريب اليوم كخطوة جديدة في تحقيق الالتزام كذلك. ومع كل العثرات والأيام السيئة والإجهاد نجحت في إكمال المسير، أشعر بفخر كطفل رسمت على كراسه نجمة بالحبر الأحمر، يركض ليري أمه جائزته المعنوية بفرح عامر. لم تكن كل النصوص جيدة، ويوجد يوم يتألف نصه من سطرين، والبعض جيد جدًا وذو مسحة أدبية مميزة، المهم أني وصلت. وما كنا لنهتدي لهذا لولا أن هدانا الله. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الرابع والسبعون

تحدق بي الشاشة تنتظر مني نص اليوم، لا أجد ما يستحق الكتابة. في معرض حديثنا بالأمس تساءلت صديقتنا عن جدوى العمل، ومدى صدق نوايانا تجاهه، ومن يضمن لنا صحة الخيار. يرن صوت ماجدة الرومي ببعض التعديل في خلفية المشهد: "ايه العمل في الوقت ده يا صديق غير إننا رغم انعدام الطريق نبص قدامنا" لا شيء أكيد في العالم، نسير في طريق ما ونحاول الوصول لوجهة نظنها الأفضل، نسير دون دليل أحيانًا ونغير الطريق أحيانًا، ونظل في موقعنا ذاته لبعض الوقت لا ندري أين نولي وجوهنا. ليس لدي شيء ثابت في حياتي سوى إكمال السير، لم أختر طريقًا، وأتيه لسنوات في متاهات الحياة دون دليل ولا ناصح، أظن لوهلة بإني وجدت ضالتي وعلمت وجهتي ، ثم يتبدد كل هذا فجأة. اليوم أرسلت لي رابطًا لفتاة تحكي عن انعدام رؤيتها للطريق أو الغاية، ثم شعورها بالوصول بعد تسع سنوات، أتساءل: وطريقي هل سيظهر؟ وإلى متى يسير المرء قبل أن تبتلعه رمال الحيرة المتحركة؟ #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثالث والسبعون

يأسرني الإنسان في تكشّفه، يتحول من غريب يتقاطع مع أوسع دائرة لحياتك، من كومبارس في خلفية قصتك لا يؤثر وجوده في المجاميع، إلى كيان حي حقيقي يمتلىء بالمشاعر وله دوافعه الخفية وصراعه الخاص، صراع لا يقل أهمية عن صراع بطل القصة، عنك. كلما تعمقت في علوم النفس البشرية وفهمها وتحليلها، كلما خجلت من أحكامي المطلقة وثقتي في خير أحدهم أو شره، أتعلم كيف يعيش المرء بصالحه وطالحه، كيف يختلط الثوب الأبيض مع الدنس، وهو يرجو أن يغسله الخالق من أدرانه. الأم القاسية لابد أنها عانت في طفولتها من سوء المعاملة فكبرت وهي تظن خيرًا في ما تفعل، المدير المتسلط ربما يعاني من قلة التقدير من زوجه ولا يجد بدًا من رفع الصوت وتخويف الجميع كي لا يكون جبانًا خاضعًا. وعلى النقيض فلاعب الملاكمة ذاك يعطف على الحيوانات المشردة رغم قوته نتاج تربيته أن ظلم الضعيف لا يحمل مروءة، وعالم الدين ذو الهيبة والوقار يخلع عباءة الوقار ويلبس دور الأب الذي يلاعب طفلته ويختار معها تسريحة شعرها. الإنسان كنصفي ين- يانج، نصف أبيض وآخر أسود وفي قلب كل منها بقعة بلون مغاير، صفات وعادات ومشاعر في حالة اختلاط لا فكاك منه، وأي محاولة لجعله بلون ...

سلمى تكتب- اليوم الثاني والسبعون

يدندن.. فتهدأ الأعاصير في رأسي، ويسكن عصفور الطمأنينة قلبي، يدندن.. فتتكسر أمواج قلقي على شرفة صوته وتخفت ضوضاء العالم لثوان تشبه الدهر. لطالما أسرتني الأصوات، نبرة الحديث ومخارج الحروف السليمة وطبقة الغناء، ورسم ثغرك مع كل هذا جعلني أسيرة بلا مقاومة. هل يمكنني تعبئة أصوات المحبين؟ يشغلني هذا السؤال دومًا، والآن يزيدني حديثك شغلًا به. تخيل إن ملأت زجاجات العطور الفارغة بصوتك، هذه عبوة عطر الفانيليا أصب بها "صباح الخير يا حلوتي، طالعة حلوة اليوم، يومك حلو زيك" كلمات ناعمة ولطيفة ولا يمل من استعمالها يوميًا. هذه قارورة فخمة كانت لدهن العود، سأملؤها بـ أول مرة حكتلي بحبك، سأحاول كذلك حفظ دفء صوتك ونظرة عينيك وغرقي فيهما، أخبئها بعيدًا عن الأعين، وأعود لها حين يأخذني الحنين، أتطيب بها فيدوم عبقها لأيام. هذه لحديثك بفرح بعد كل إنجاز، وهذه لكلماتك الحانية كلما زارتني الكآبة، وتلك لأوقات الشجار للذكرى فقط لن استعملها أبدًا. أستيقظ مستوحشة، وأتجه نحو زجاجاتي الأثيرة، أرش منها في جو الغرفة، فيغلف حضورك الهواء يحملني ويزرعني في غيمة من الأمل في لقاء قريب. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الحادي والسبعون

"يخربيت اللي يزعلك" بدأت صديقتنا العزيزة حديثها في لقائنا بهذه الجملة، تعجبت من الجملة لتشرح بأنها تستشعر من كتابتي وحديثي مؤخرًا أني لست بخير، لا جديد تحت الشمس ليتغير حالي بالحسن أو السيء ولا أعرف لماذا يصلها هذا الشعور. يمر مصادفة صديقنا كبير المقام والسن بجوارنا، يسلم علينا ويجلس لبضع دقائق، ينظر لي ويعاتبني بأني نكثت الوعد، وعد المحاولة لأكون بخير وأهتم بنفسي أكثر، ويبدي قلقه لحالي، حسنًا يبدو أنني لست في حال جيدة، وهذا يصل لكل من حولي. طمأنتهم عن حالي، صحيح أني متعبة ومجهدة لكن ظننتني أسيطر على الأمور، وأن نفسيتي مستقرة في مكان جيد.  لا أعرف.. ربما أحتاج لفرح كبير يفيض على قفر أيامي لأزهر وأصير حيوية ونضرة، "غدًا تأتي الغيمة وتبلل القلب المعطوب".

سلمى تكتب- اليوم السبعون

أخبرته أن شعوره مفهوم تمامًا، ولكن الأشخاص السيئون بحق لا يتساءلون عن جودة تصرفاتهم ولا يتشككون في أخلاقهم الحسنة وإخلاص نواياهم، لا يأكلهم القلق حين يخطئون في حق الآخرين، لا بوصلة أخلاقية ولا مرجعية دينية تقض مضاجعهم. الطيبون الأخلاقيون يخطئون بالتأكيد -نادرًا- ولكنهم يراجعون أنفسهم، يقفون للـ هو فيهم بالمرصاد، وتمنعهم أناهم من مسامحة أنفسهم على قصورها بسهولة. الآباء المسيئون يحطمون أرواح أبنائهم بلا رحمة، دون ندم على ما زرعوا فيهم من خوف وقلق ومثالية يتملقون بها أهليهم علهم ينجون من الهلاك، وحدهم الآباء الجيدون من يحاولون قدر استطاعتهم زرع كل جميل في قلوب أبنائهم، يحبونهم أكثر مما يقومون أخطاءهم ويتحملون في سبيل سوائهم النفسي كل صعب، ومع هذا تتلقفهم الأسئلة من كل صوب. هل أعطي طفلي حبًا كافيًا؟ هل قصرت لأني لم أطهُ طعامًا طازجًا اليوم؟ هل اعتذر لطفلي عن نوبة غضبي؟ هل سيحكي عني بسعادة بعد عشرين عامًا أم سيشكوني لطبيبه النفسي؟ يحضرني قول برتراند راسل -ببعض التصرف-: "مشكلة العالم أن الأغبياء والظالمون واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائماً، أما الحكماء والطيبون فتملؤهم الشكوك”   #سلمى_تكتب...

سلمى تكتب- اليوم التاسع والستون

في الطريق بكيتني من فرط الألم، لم أستطع منع دموعي من الانهمار بعد يوم متعب وألم لا ينتهي، لحظة ضعت فيها بين هواني في عيني ووجعي غير المحتمل ووحشتي في كليهما. باءت كل محاولات السيطرة على الدمع بالفشل، قرر جسدي أن يبكي كل ما يثقله كأنما اكتشف أسفاره ومتاعه فجأة، مما جعله يرزخ تحت ضغط الأحمال، صخرة نبتت من كتف سيزيف من عدم لتشقيه، شقاء فوق شقاء ووهنًا على وهن. وددت لو ينتهي العالم في التو، كيف تجرؤ الحياة على استكمال دورانها وأنا في حالي هذه؟! كيف لا تنهد الجبال وتجف الأنهار لدمعي؟  أحاول تهدئة نفسي: هذا ديدن الحياة، تسير وتدور ولا تلتفت لأحد، كل هذا الزخم سيخبت والدمع سيجف وسنكون بخير. أكمل الطريق بعد سيطرتي على فوران المشاعر المتأججة، بكتف مرفوع ومشية واثقة كأن شيئًا لم يكن، أدير المفتاح في بوابة البيت وأغلقه خلفي، ثم أنسكب. #سلمى_تكتب_٧٥يوم