المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, 2023

سلمى تكتب- اليوم التاسع

في كل مرة تضعني الحياة أمام الاحتمالات، ما يتوجب عليّ فعله في هذا؟ ما يجب أن أقوله حينذاك؟ وتتبرعم الأسئلة والسيناريوهات في عقلي، أتذكر كيلوا في برنامج القناص وهو يقول بعد سؤال يُستعصى إجابته، مانعًا ثالثهما الأحمق من الانفعال: "هل تريد أن تفسد علينا نجاحنا؟" أعرف في قرارة نفسي كيف تكون اللا إجابة على السؤال هي الإجابة، وكيف تخلق الإجابة نفسها في وقت الحدث، لا يهم كم فكرت وخططت وتلاعبت بي بنات أفكاري المتمردة، في النهاية ستنكشف الإجابة كأنما وجِدت منذ البداية. تعلمت قبول ترددي وتخبطي وخوفي، دربت نفسي على التسليم والرضا مرارًا وتكرارًا، آمنت بأن يدي الله ستتلقفني لا محالة، وما زلت أجهل الإجابة، ورغم هذا احتفل بنجاحي في استبصارها كل مرة. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم السادس

يستيقظ في السابعة صباحًا رغم أنه بلا عمل، يحلق ذقنه في ببطء شديد، يحضر الإفطار، يفتح التلفاز لخلق بعض الصحبة وهو يتحرك في المطبخ. ينهي طعامه، يرتدي ملابسه ويضع نظارته الطبية في جيبه، وصفة طبية تحوي أدويته الشهرية، وورقة بطلبات المنزل. بعد السير لأبعد مقهى في حيه السكني، يجلس على الطاولة ذاتها، يطلب فنجان القهوة السادة ككل يوم، ويتأمل المارة. لم يكن من محبي "قعدة القهوة" لكن بعد وفاتها ومع إحالته للتقاعد كاد يجن من الوحدة، فأصبحت المقاهى ملاذًا يمده ببعض الونس وتساعده على تزجية الوقت. يعود للبيت الفارغ كبطل حرب متعب ولا أحد في استقباله. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الخامس

صادفاني يركبان سعف نخيل يابس كأنها مكنسة سحرية، يركب الصبي في المقدمة وخلفه الفتاة في معطف وردي، يضحكان من المركوب والفكرة ثم تنزلق الفتاة خارجها. تنظر لي ووجنتاها أشد حمرة من معطفها، يحثها للعودة إلى مقعدها المتوهم، أبتسم فتخبره أن: "الناس بتضحك علينا"، أشيح نظري ويتناهى صوت الصبي إلى مسامعي: "مش مهم مالناش دعوة يلا اركبي". ودت لو كنت مكان الفتاة ليخبرني صبي على حصان من سعف بضآلة أهمية رأي الناس، أو التأثر بهم، يشجعني على الانطلاق والمرح وكسر الرتابة وهو يسبقني كي نضحك معًا في سعادة، أو يضحك الناس علينا معًا -كذلك- إن بدونا كالبلهاء. وفي خلفية المشهد اسمع صوت ناظم الغزالي يغني: "فوق النخل فوق يابه فوق النخل فوق مدري لمع خده يابه مدري القمر فوق والله ما اريده باليني بلوى" ابتسم وأنا أرقب بساطهما السحري يحلق بهما على الإسفلت، وغبار المرح يتناثر على المارة. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب-اليوم الرابع

"أنا بانتظار خطوةٍ منك لأخطو لك بعدها خمسين  خطوةً" جملة على لسان محمود درويش يتناقلها الأصدقاء عبر هذا الفضاء الأزرق منذ البارحة. احتجت لسنوات كي أتعلم حث الخطى وأن لا أقطع الطريق أمام فرص الحياة والحب، وحين خطوت خطوة واسعة تجاهي قابلتها بخطوة مني، انتظرت خطوة أوسع كي أقابلها بالمشي إليك آملة أن تأتيني مهرولًا. لكنك بترت قدمي فجأة، صرعني الألم وحيلت الطريق الممهدة لأرض حلمنا الموعود بحرًا من الشتات والفرقة. هل كان عصيًا بذل الجهد الضنين لنلتقي؟ أم لم يكن مهمًا على الإطلاق أن تحاول من أجلنا؟  خطوة منك تتبع خطوة مني، ونكرر ونكرر ، خطة بسيطة  لنسير معًا يدًا بيد نحو الأبدية. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثالث

تخلفت مدربتي اليوم عن موعدنا دون سابق إنذار، ولم يخبرني أحد المسؤولين في الصالة الرياضية معتمدين أنها قد فعلت، سوء تفاهم ضيع علي الساعة التي أحاول الالتزام بها رغم كل شيء. لو حصل هذا قبل خمس سنوات لتضايقت بشدة وامتقع وجهي وتصاعد صوتي، لكن بعد الكثير من اللطمات تصالحت مع كل الأشياء الخاطئة مهما كبرت أو صغرت، التجديف في الرمال المتحركة لنوائب الأيام تغرقك وتسحبك إلى الأسفل، الصبر والهدوء هما سلاحك لتنجو. تبدو مشكلة تفاهة لشخص مرفه لا يدرك ثقل الأيام، لكن لا تخدعنك المظاهر يا صديقي، إنها محاولات البقاء، التشبث بشيء يبدو رفاهية ولذوي البال الرائق حتى لا نتصدع تحت ضروس الحياة. ماذا كنت أقول؟ آه الرمال المتحركة، يشرح هذا لماذا أبدو للناظر من بعيد ثابتة لا أتحرك ولا أتقدم قيد أنملة من أي شيء، فصراع الأيام سيغرقني وأنا لا أتقن السباحة. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الثاني

في الطريق إلى العمل تلفتني شجرة عالية بأزهار صفراء فاقع لونها تسر ناظري، هناك على مد البصر فوق كتفي الأيمن، ترتكز بدلال وأبهة في زاوية من بيت. ليست نادرة بل كثيرة في كل أطراف المدينة بمساحاتها الخضراء التي يحسدنا عليها الغرباء، بل إنها موجودة في المحيط ذاته وربما أكبر حجمًا أمام منزل آخر، لكن لسببٍ ما لا ترى عيني غير صديقة الطريق تلك. أقول: ربما يرعاها أصحابها رعاية خاصة، أو ربما تزدهر في الشتاء وقلة الري مع إهمالهم له تزيدها ألقًا، وربما هي الشجرة الوحيدة التي تسللت خارج السياج ولذا أشعر بها مميزة. لا أعرف، لم أحاول أن أقترب لآخذ صورة لها عن قرب، أو أجعلها خلفية لوجهي في صورة ذاتية حتى، ربما هي مميزة لأنها مثلي، تشبهها الكثيرات ولا تشبه سوى نفسها، وتخطف الأنظار لكن لا أحد يدنو منها ليعرف ما تخفي من أسرار الجمال. #سلمى_تكتب_٧٥يوم

سلمى تكتب- اليوم الأول

تناثر قلبي اليوم أمامي على الإسفلت، كحجر موسى ضربه الأسى فانفجر عيونًا، وأخذت كل عين تنتحب من ألم لا تقوى على تحمله. انتظرت أرقبه، ينشطر ويبكي، دقائق بدت كأنها الأبدية. وحين توقفت العيون، لملمتها بيدي وكورتها كقطعة عجين وربتت على قلبي واحتضنته ضلوعي. أكملت طريقي دون أن أثير انتباه أحد بقميص مبلل بالأسى. #سلمى_تكتب_٧٥يوم