الراوي العليم

لما بتمر بتجربة تعافي من أي مشكلة نفسية خاصة لو كانت معقدة في تكوينها ومحتاجة شغل مستمر لسنوات، وبعدين تشوف الناس وهي بتمر بتجربتها الخاصة، بتقف من بعيد كدا تتوقع من تصرفاتهم وحكيهم مثلا على السوشيال ميديا هم في أي مرحلة.

بتكون زي الراوي العليم في رواية شخوصها كلها مركبة التكوين، مليئة بالصراعات الإنسانية والنفسية، وأنت بعين الحكمة بتتعاطف مع المخطئين وتحكي اللي داير في عقل كل واحد، وتتنبأ باللحظة اللي هيحصل فيها أول مشهد تتعامل فيه الشخصية من موقع التعافي لا من منطلق الطامة النفسية كما وصفتها بثينة العيسى.

فكرة مرورك بكل قمة وقاع في تذبذب خط رحلتك على محور الزمن، خوضك لمرحلة الانغماس في التمارين النفسية والقراءة ومتابعة كل من تجد عنده بعض ضالتك، ومراحل تخففك من كل الوعي ده عشان تقدر تفلتر كمية المدخلات دي وتلاقي طريقتك الخاصة للتعامل، وبعدين الرجوع مرة تانية للمتابعة والاستماع لأي حديث يفيد رحلتك بس المرة دي بدون انغماس لكن بانتباه للي ينفعك واللي مينفعكش.

بعدين تسقط مجدداً في جب سواد العقل، وسيطرة صوت الاكتئاب عليك لكنك بجلسة واحدة مع صديق متفهم أو طبيبك المعالج بتفرغ كل ده وتنتبه إنه صوت الاكتئاب طغى على صوت الراوي الحكيم، وتتدارك ده سريعاً وترجع تبص من بعيد على تجارب اللي حواليك برحمة وتقبل لا يفهمها كثير من اللي لسة في أول رحلتهم وبيصارعوا نفسهم وبيتجادلوا طول الوقت، وتضحك في سرك وتقول: امبارح أنا كنت الشخص المتشنج ده زيهم، وقادر افهمهم، وبكرة هما كمان هيفهموا.

باكتب كل ده وفي خلفية عقلي صوت وردة بتقول: وعملت ايه فينا السنين؟ متداخل مع صوت عبد الوهاب وهو يتساءل في شجن: كل ده كان ليه؟
وأنا أرد عليهم وأقول: عشان دي رحلتك، اللي لازم تقوى فيها على تغيير اللي تقدر عليه، وتسأل الحكيم الأعلى راوي الكون الحقيقي الصبر على اللي مش عارف سببه، وبعض حكمته لتكمل هذه الرحلة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلمى تكتب- اليوم الرابع والأربعون

سلمى تكتب- اليوم الحادي والأربعون

سلمى تكتب- اليوم الثاني والستون